مرحباً بكم أعزائي الكرام

مرحباً بكم أعزائي الكرام

وراء سراب المساواة دائما!.

0 التعليقات


يبدو من قراءة المشهد السياسي الإمريكي -عبر نافذة الإنتخابات الرئاسية التي جرت بالأمس القريب- أمورا هامة يجب أن نضعها بين نصب عيوننا وأن نسجلها في صحائفنا كي لا تمر بحارتنا مرور الكرام وبدون إبداء أية ملاحظات يجب إبرازها فورا، أهمها المساواة الجنسية التي كانت تطبّل الحكومة الإمريكية بحمايتها وووضعها موضع الإعتبار بل وقد قامت الدنيا لأجلها دهور مضت لاتحتاج الى تذكير!، وإن كان الإفريقيون –بما فيهم الصوماليون- هم الأكثرية الذين اغترّوا وضلوا وراء هذا السراب الواضح في حجيّتهم بالسماح للمرءة بإدارة كافة أروق الحكومة الإفريقية!.
مايبعثني بكتابة هذه السطور هو ليس لأنني امريكي الأصل أو انسانا يهتم بالسياسة الإمريكية بل وقد عُرفت في الفترات الأخيرة بالتحري الشديد عن كتابة المقالات السياسية وحتى الصومالية؛ لأجل حاجة أجدها في نفسي، فضلا عن الأمور التي لاتتعلق بحال الصومال وأهلها، وإنما جاءت سطوري هذه من زاوية أخرى قد يمكن القول بأن لها علاقة وطيدة –نوعا ما- في قضايا أمتى –المنكوبة- السياسية الحرجة، وقد لاحظت فيها أثناء متابعتي بالإنتخابات الامريكية عبر المواقع الإجتماعية غصبا عني، وهذه العلاقة هي ذاك الحدث الذي مرّ علينا قبل شهر ونيف في قضية (الكوتو للمرءة الصومالية) والتي أثارت ضجّة كبيرة بيننا، وأتذكر أن شريحة هائلة من المثقفين كانوا يغردون في الفيبسوك -بين عشيّة وضحاها- بأن الصوماليين –هم- بأمس الحاجة في تطبيق الديمغراطية في هياكل الحكومة المركزية وامتناع مايسمونه الرجولي في المراكز الهامة للدولة، وأن يخطوا الى الأمام بخطوات ثابتة نحو التعايش والمساوات التي حققت الدول الغربية كإمريكيا، وقد أعطوا القضية أكبر من حجمها لتضخيم القضية أكثر مما تستحق وإثارة العداء وزرع الضغينة بين العلماء الذين علّقوا في قضية المرءة الصومالية مؤخرا!، بغض النظر عن الأدلة الشرعية التي تحذر عن تولية المرءة بمنصب رفيع!.
ترامب -الذي يجاهر بعنصريته وعدائه الجليّ تجاه الأقليات وطرد أكثر من 2مليون ونيف من المهاجرين -وأكثريتهم مسلمون- قبل فوزه بالإنتخابات الإمريكية -رئيسا- لم يكن يستأهل بمنصب رفيع كهذا؛ ليس لأنه مشحون بمزيد من العنصرية والكراهية والوعيد المطلق وفقط، بل لأنه لم يباشر بعمل سياسي قبل تلك اللحظات المصيريّة التي أتاحت له الفرصة بأن يستغل من خصمه الأنثوي التي لم تجد فرصة لإبداء أجنديّاتها المتعددة والتي تبدوا بأنها أكثر انفتاحا وقبولا من أجنديات الرجل الذي عرف فيما بعد (بالرجل المجنون)؛ هي فقط قوميّة الرّجال الأمريكيين البيض التي لم تحظ نساؤهم البيض بالمواطنة إلا بانتزاع حق التصويت في عام 1919م فضلا عن السود الذين مازالت مواطنتهم بين فكي كماشة بين الحين والآخر، ومن هنا يبدوا أن المجتمع خياليّ الديمغراطية!.
والغريب في القصة أن الأغلبية الساحقة كانت مع (الرجل المجنون) ليصبح وبوقت وجيز منذ بداية الإنتخابات رئيسا لأكبر وأقوى دولة في العالم ليديرها حيثما تشتهي هواه، وكشفت الإنتخابات الإمركية بالترّاهات التي كانت تدّعي امريكيا العظمى في سعي المساواة بين الجنسين، ولكن الواقع قد يكذب بما قيل من قبل أحيانا!، وثمّة خيوط عريضة لايمكن إغفالها أهمها؛ لم -ولن- يحكم امريكا امرأة خصوصا في كل من وزارة الدفاع والرئاسة (البيت الأبيض)؛ لأنهم يدركون جيّدا أن توليتها لأيّ منصب رفيع لن ينتج شيئا وان ادعوا كثيرا بما سيبطل حقيقته من أول مقارنة جذرية بين ما تقوله الألسن وماتصدفه الأفعال!، ولكن المفارقة العجيبة هو أن كثيرا من الأفارقة اغترّوا وراء هذا السراب الذي لامحل له من الإعراب، بل وقد أصبحت (المرأة) في القارة السمراء عموما -وفي وطني خصوصا- الفتيلة الأكثر شعلة ولهيبا إذا جاء الحديث عن من يقود الأمة ومن يستحق أن يسودها إلى بر الأمان والإزدهار!، وأكثر المقارنات التي يحتجها كثير من الطرف الآخر هو فقط الديمغراطية التي سنحت فرصة ب(الرجل المجنون) فضلا عن المرأة التي أصابها الإحباط عن مسيرتها السياسية!.
ومن هنا يجب أن ندرك أن الديمغراطية التي نطبّل لأجلها بين عشيّة وضحاها ماهي إلا التي نعرفها بالتجربة لا بالقيل والقال، هي فقط تلك التي كانت تفضل –قديما- بفصل الدين عن الدولة ومنع رجال الدين في إبداء أيّة ملاحظات تجاه الدولة؛ ليعطى كلّ ذي حقّ حقّه ومستحقة ولزرع الشكوك بيننا وبين العلماء الذين نراهم من زاوية بعيدة مغمضي عيناهم إذا برز تعليقهم الى السطح حول قضيّة سياسيّة ما، هنا يجب أن نتعلم شيئا –وان قلّ- من الإنتخابات الإمريكية بأن الشعوب الغربية تدرك تماما بأن لن تتطور بقيادة المرأة بل وقد اضطروا بانتخاب ترامب المجنون آملين منه شيئا مستحيلا في قاموس المجانين فرار عن تولية المرأة بمنصب رفيع فقط لا أكثر!.

حُبور يعقبه عُبوس(شهداء التعليم)!

0 التعليقات


يتزامن الثالث من شهر ديسيمبر بالذكرى السابع من حادثة فندق (شاموا) المروعة والتي ملأت في أكتاف عشرات من البتوت الصومالية مزيدا من الأنين والصرخات التي آلمت معظمها كثيرا من الأمهات -بعد أن أريقت دماء أبنائهن الطاهرة- اللاتي كافحكن لأجل بناء مستقبل مشرق لهم؛ حيث واجهن معظم تحديات الحياة الجمّة، صعودا الى القمة التي يأملن لأبنائهن بأنهم سوف يتنعمون فيها بعد تلد الأعوام الشداد التي مرت عليهم ويستريحون من التعب والضنك الذي لحق بهم، وتركت في بسمتهم أثرا سيئا لايحمد، نزولا الى القاع من الفرحة والطرب والرفاهية اللاتي كنّ يحلمن ويتوقعن من أزواجهن الذين فارقوا الحياة مؤخرا -بعد الزفاف- وبوقت وجيز!.
عنها أكتب، وفي أعماقي آلام موجعة تتزاحم في طريقها الى سويداء قلبي لتترسخ فيها والى الأبد، ولايسامحني القلم بأن أكون محايدا في سطوري؛ لأجامل لهؤلاء الوحوش والكلاب الذين استولوا بلادنا فارين من بلدان نائية تتنعم بالأمن والإستقرار وقد تسسلوا إليها بذريعة اقامة العدل والسلام في ربوع الوطن، فأصبحنا مغرورين بكلماتهم السخيفة وأمّناهم وأسكناهم في ديارنا على أساس (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) ليرتاحوا فيها أينما يشاؤون!، ولكنهم في الحقيقة تحوّلوا الى أعداء وجبابرة يتاجرون من أرواح أبريائنا وضعافنا وخيرة شعبنا؛ ليحكموا سلطتهم علينا بالقوة، ولكننا تداركنا الأمر ولات ساعة مندم!.
أبعث سطوري –هذه- هديّة الى تلك الأم التي بذلت بالغ وسعها في سبيل ترميم وتنقيش أحلام أطفالها بشق الأنفس، لاتملك كفيلا ولامن يترحم عليها في حالتها سوى ربّها الذي يتابع صرخاتها في الساعات الأخيرة من الليل عن كثب!، بل وقد أصرّت على حالها سنينا مديدة رغم ويلات الحروب الطاحنة التي تشتعل في أرجاء الوطن لمدة تزيد عن عقدين من الزمن!، امسحي دموعك فالألم قد يكون ألما واحدا في قاموس أحدهم ولكنه في الحقيقة آلام لم تحظ بأن يودع في طيّ النسيان أبدا بعد سبع سنين من وقوعها،أكنّ لك الإعتراف بحقّك وأدرك-تماما- كم كنت تألّمين حين يقبلك فلق الصبح لتنهضين بثقل في كسب ما تسد به رمقهم ولتساعدهم في إدراك من سبقهم من أقرانهم؛ لئلا يتناقص طربهم المستقبلية ولو كان قليلا، كل هذا حدث وانت لاتشعرين بأبنائك مدى حجم الألم والتعب الذي لحق بك!، أغمض عيناي في بحور المغامرة ملحّا بالقتلة بعباراتي النارية وأنا أتنازل عن سلامتي لأناشد (القتلة) أمام الصامتين عن العدالة -مبرزا الى السطح- ماذا فعلوا بك وكم آلموك؛ لعلها تكون لك شيئا بسيطا في قاموسي منحته لشخصيّة عزيزة مثلك، وكبيرا في قواميسك المباركة التي تر الجميل بأعين حاذقة؛ ليوسي لك الخير ويمسح عن خدّيك الدموع الحارة التي لم يجّف أثرها بعد!.
مزيدا من الأرواح أرهقت، وحال بينهم وبين أملهم المنشود لمدّة تقارب خمس سنين عداء لروح النهضة والتثقيف ليبقوا -والى الأبد- اما حفرة الجهل والتبعية أو القتل والرحيل عن هذا العالم المتناقض بين عشيّة وضحاها، ومن حقّي أن أصف بتلك الحادثة المروعة بأنها وأد بروح المثابرة وحصد أرواحها، ورمي الجهود المكافكة الى أسفل الجحيم؛لئلا يزعزعوا أمن (القتلة) بقلمهم، عداء جليّ ضدّ التعليم قبل السلام والرخاء والسعادة، عداء يهدف الى وضع الصومال أدنى مرتبة من مراتب التدهور والإنحطاط، قتلة يودون ألم الجيل الجديد يستخدمون بذلك كل مالديهم من قوة وعذاب دون التميّز بين هذا ولاذاك، نحن –فقط- من يبررون جرائمهم بالتأويلات الباطلة والمقولات الدنيئة بأن العملية لم تكن تستهدف بأرواح الطلبة –ذاتهم- وإنما جاءت منيتهم في حساب غيرهم من رجال الدولة!، ولكنهم في الحقيقة لافرق عندهم بين الذي اندمج في سلك الدولة وبرز لهم عداءه الجليّ لهم وبين من يبقى في أوساطهم أو غيرهم لايشجع فريقهم ولا معارضيهم ليثبت سلامته في كل حالة؛ لأنّهم (قتلة) والقتلة لايرحمون!.

ماما... آمل بعدما مرّت عليك سنينا كئيبة أصبح الأنين وذرف الدموع الحارة دأبك، أن تجدي من يقف جنبك في مناصرتك ضدّ هؤلاء القتلة، آمل أن تمرّ عليك أياما سعيدة سوف تبتسمين فيها وانت واقفة أمام جثمان القتلة لترقصين عليهم ولتركلين جثمانهم الى هنا وهناك حيث تقرين بنفسك ليهدأ منك صداع الألم!، آمل بعد مامرت عليك سبع سنين دأبا من فقد ابنك البار أن تجدي من يجبر خاطرك ويحاسب لك عدوك اللذوذ؛ لتطمئني أكثر مما كنت عليه قبل رحيل ابنك، أثق بأن هذا سيحصل يوما ولو مرّت عليك أعواما ستدومين فيها بحالتك السابقة؛ لأن القلوب المتحجرة سوف تلين يوما ما أو قد تزول مع خذلانها بك ويخلفها من هو أرحم لك منها، اصبري واحتسبي عسى الفرج قادم!.

بين عداء الإرهاب والأمواج العاتية !.

0 التعليقات


في ظل غياب حكومة مركزية قوية تسيطر أمن البلد وحماية المواطن من الإبادة الجماعية، أصبح المواطن الصومالي يسير تحت أقواس العداء التي تشتعل من هنا وهناك والتي تشبه لعبة الشطرنج، لا يعرف شيئا عن العقل المدبّر ولا عن الساعد المنفّذ!، الأمر الذي أودى  الآمال المخفية في صدور الكثيرين عن إيمانهم السابق بأن هذه الحكومة قد تحمي أرواح مواطنيها!.
تبنت حركة الشباب -الموالية لتنظيم القاعدة- باستهداف أكبر قاعدة لسياحي المواطنين  الذين تكالبت عليهم الأعداء، وهي فنادق ساحل ليدو -ولتقريب المشهد للقارئ- هي واحدة من الأماكن النادرة المرصّعة بالبهاء الذي يفوق الخيال، وصفاء الجوّ في العاصمة الصومالية مقديشو، يروح إليها المواطن ليرتشف قليلا مع أترابه وخلانه فنجانا من قهوة، وليمرحوا في ساحله المبهر.
الجدير بالذكر، أن ساحل ليدو -الذي اختارت الحركة كأنسب مكان لتنفيذ عمليتها- لم تكن ضحاياه من رجال الدولة والمطلوبين من قبل الحركة، من رؤساء الحكومة الفدرالية ولانواب من البرلمان ولا دبلوماسيين لتجد العملية تبريرا –وإن قلّ- لدى أهالي المتضررين.
الأمر الذي أدهش الكثيرين من المحللين وجعل أهداف الحركة من هذه الجريمة البشعة التي منيت بالأبرياء -في رابعة النّهار- أكثر غموضا وأكثر تعقيدا بتحليله!، ويؤشر الهجوم بأن عناصر الحركة لن تبارك الجهود المثمرة التى تساهم في إعادة أمل الحياة للمواطن الجريح، وأنها تبذل قصارى جهدها لتعيق كل ما يبرز إلى السطح بأن الأوضاع تتحسّن رويدا رويداً، ومن ناحية أخرى هو خلق توازن الرعب في الشعب الذي لم يبق له إلّا ساحل ليدو!، وهو فشل ذريع غير متوقع لدى الخبراء العسكريين؛ وذلك بأن عناصر الحركة عجزت –برهة من الزمن- عن هجوم مقرّات قوات حفظ السلام أميصوم وقوات الحكومة الصومالية، والعملية التخريبية الأخيرة هي بمثابة شهادة وفاة للحركة!.
أسفر الهجوم عن عشرات الضحايا من الشعب الذين حوصروا قبل الإبادة الجماعية من كل حدب وصوب، ثم أمطرت عليهم الأسلحة الثقيلة والخفيفة –مطر السوء- فترى القوم فيها صرعى كأنّهم أعجاز نخلٍ خاوية!، وقد تمّ ذلك دون تمييز لهوية الضحايا كما كانت تزعم الحركة في هجماتها الأخيرة في كينيا المجاورة، وذلك بأنها ستتعفف كثيراً بحقن دماء المسلمين!.
الأمر الذي فسّر به المحللون بأن هذا لم يكن إلا استخفافا لمسلمي كينيا ولزرع عناصر نشطة تؤيّد الحركة وتساهم في تكثيف هجماتها في كينيا، وإلّا؛ فهل يعقل بأن تحمي الحركة دماء مسلمي كينيا، وتنسلخ بإهراق دماء بلد يعتبر  شعبه الوحيد الذي يدين بالدين الإسلامي الحنيف  مائة بالمئة  في القرن الإفريقي؟!!.
 
على سبيل المثال لا الحصر، أروع مشهد لفّ انتباهي بشدّة هي صورة متداولة لدى الكثيرين من والدة -لعلها في العقد الثالث أوالرابع- ترتدي الحجاب، والذي يعتبر من أهمّ ما يميز فتيات المسلمين عن غيرهنّ، ماتت وقد كبّت على وجهها بسبب الرصاص التى تخترق جسدها من هنا وهناك، فاضت روحها وهي تحمي طفلها -في ضلعها- الذي لم يبلغ الحلم بعد؛ من شدّة الرصاصات الطائشة التي تنهال عليها من كل جهة؛ فقط قتلوها لينتصروا دين الإسلام ولإحياء روح الجهاد في ربوع الصومال!.
يروي ما حدث أحد الناجين –بأعجوبة- من هذه الإبادة الجماعية ويقول كلاما مفاده: "إن عناصر الحركة هاجمتهم وهم في غفلة، فقتلوا كلّ من دبّ على وجه الأرض ممن سجّلوا أسماءهم من ضمن صحائف الموتى، ثم جمعوا جثث الأبرياء؛ لتهدى إليهم قنبلة من نوع الياسمين، ليذيقوهم العذاب أحياء وأمواتا!،
وما حدث قبلها أو بعدها من حوادث أوجرائم اجتماعية أعظم وأشد!، ويؤسفني أن جميع هذه التنديدات مرّت على المستمعين والقراء وذوي العقول الواعية مرور الكرام دون أن يحركوا لها ساكنا!، خصوصاً الأمة العربية والتي  يكاد المواطن الصومالي يلمّ بحبها حبّاً جمّا، ويسيل شغفها في شرايينه، على الرغم من أنها لم تمدّ يد المعونة له، ولم تقدّم له أيّ شيء يذكر إلّا فيما نذر !.
لاسيما وأنّ  بعض المواطنين الصوماليين يضيفون العروبة إلى قائمة (المقدسات) من عند أنفسهم بإصرار، وبالمقابل فإن الأمة العربية تلقيه في غياهب الجب وفي فخّ غريب لايحمد، غير آبهين بضياعه كقصة يوسف مع إخوته!، مقارنة بتعاطفهم البالغ مع فرنسا في حادثة الأمس القريب!، أكثر من اهتمامهم بهذه الحوادث المروعة التي تتكرر بين عشية وضحاها، ولسان حالهم يقول: إلى متى ستشفع لنا العروبة؟!.
وفي ظل هذه الأوضاع الراهنة يعاني المواطن الصومالي الحرمان، فلايجد فرصة في تدبير أموره ومستقبله، وإبراز أفكاره السّجّية الحزينة على قلة حظها لتنكشف أمامه، وفي عيونه معين دمع إذا جفّ عاد يمتلئ من جديد!، الأمر الذي جعل رمز الوطن والمواطن بـــ "وهل يبكي لي الحجر؟!"، أن تهرق دماء أبرياء لا دخل لهم في الصراع وتسبب لهم بالنزوح لمئات -بل آلاف فأكثر- منهم بسبب أمور ثنائية أمر لا يعقل!.
ولمثل هذه الوقائع التي تلين القلوب المتحجرة أصبحت إراقة الدماء مبرراً قويا للنزوح إلى خارج الوطن رغماً عن أنف المواطن الذي فرّ من مسقط رأسه تاركاً وراءه زوجته وابنه الرضيع وأمه الحنونة بدون سبب يذكر!، فلاذ بالأمواج العاتية والتي تناديه من بعيد لترتوي من أرواحهم الرخيصة، ولتكون لهم جسراً للوصول إلى قبلة المستضعفين –إلى أوربا إن صحّ التعبير- في زمن انقلبت الموازين؛ إذ أصبح العدوّ رفيقا، والرّفيق عدّواً!.
ومما يشار إليه البنان، أن أكثرهم أصبحوا عرضة لقطاع الطرق، تنتهك حرماته، وتغتصب بناته، وأحيانا يعذّب في غياهب السجون على أيادي جبابرة لا رحمة عندهم، ولامستغيث!.
فحان الأوان ليصل المواطن إلى معرفة السر بأن هذه الهجمات لا تفرّق بين الأبرياء – من النساء والرضع والطاعنين بالسنّ-، وبين المستهدَفين من قبل الحركة، وكلّ ما قيل من قبل –من أن هؤلاء المتشدّدين يخدمون لمصالح الشعب وتطبيق شرع الله في ربوع الصومال- لم تكن إلّا أوهاما وترّهات اغترّ بها الكثيرين أمر يخالف ما هو موجود في أرض الواقع!، وما هي إلا مسخرة للمواطن العاشق لروح الوطن ورجوع الانتماء الحقيقي لوطن الأم الكبير!.
الرحمة على الشهداء، والصبر والاحتساب لذويهم، والشفاء العاجل للجرحى

رمضان موسم الهجمات لحركة الشباب

0 التعليقات

   توعّدت حركة الشّباب الموالية لتنظيم القاعدة بأنّها ستضاعف هجماتها الشّرسة على القوات الصّومالية وقوات حفظ السّلام الإفريقية (أميصوم) فضلاً عن المنشآت الحكوميّة الحيويّة وموظّفي الحكومة.

   وفي هذا السّياق تبنّت حركة الشّباب هجوماً عنيفاً إستهدفت قاعدة قرية (ليجو Leego ) العسكرية التي تتمركز فيها القوات البروندية، وتقع على بعد 100 كيومتر غرب جنوب العاصمة مقديشو تقريباً، وأسفر الهجوم زهاء ستين من القوّات المستهدفة، بينما شنّت الحركة هجمات مماثلة على القوّات الصّومالية المتمركزة في محافظة شبيلى السفلى وفي الضّاحية الشّمالية لمدينة كيسمايو، كما استولت على أسلحة ومعدات عسكرية متطورة وهو ما يشكل تهديدا محدودا على قوات التحالف حيث من المتوقع إستخدام الحركة الأسلحة الحديثة النوعية.

وفي العاصمة الصومالية مقديشو استهدفت موكبا عسكريا يقل مسؤوليين إمارتيين، قدموا من مسقط رأسهم في وقت سابق ليوفّروا للدّولة الصّومالية تدريب الجيش الصومالي وتقديم الدَّعم اللّوجيستي إليها، وعملية إنتحارية أخرى طالت على أكاديمية عسكرية تابعة لجهاز المخابرات والأمن الوطني الصومالي في مقديشو.

وذكر علي طيري المتحدث الرسمي لحركة الشباب كلاماً مفاده: "أنّ الذين لحقوا حتفهم بالهجمات الأخيرة التي نصبتها حركة الشّباب تزيد على 86 جندياً من بينهم خبراء عسكريون من الدّولة الإماراتية وعدد هائل من الجنود الإفريقيّة والصومالية".

الهزيمة التي منيت بالقوّات البروندية برزت إلى السطح جانبا مهما من إخفاق قوات أميصوم عن إرسال الإمدادات العسكرية إلى القوات البرندية في الوقت المناسب، وهو فشل غير متوقع لدى الخبراء العسكريين الصوماليين، أما النقطة الثانية فتتجلى بحاجة قوات أميصوم إلى استخدام السلاح الجوي لتدمير تجمعات الحركة في معاقلها، وبناء شبكة إستخبارات عسكرية قوية تكشف عناصر الحركة المسلحة قبل وصولها إلى القواعد العسكرية التابعة للقوات الإفريقية وتشكل هذه من أبرز التحديات التى تواجهها بعثة الإتحاد الإفريقي منذ إنتشارها في الصومال 2007م.

ويعتقد المحلّلون أن تحرص حركة الشّباب الإستفادة القصوى من هذا الشّهر لتكثيف هجماتها الشرسة ضد من تصفهم بالصلبيين والمرتديين يعتبر كموسم لتخويف أعدائها، وزج عناصر في معارك وتفجيرات واغتيالات قد لاتحقق أهدافها العسكرية غير إثبات وجودها الميداني الذي يتآكل رويدا رويدا منذ إنسحابها من العاصمة مقديشو في أغسطس 2011م.

في موسم شهر رمضان الماضي سالت دماء كثيرة في مقديشو وحواليها الخاضعة لسيطرة الحكومة الصومالية بدعم من قوات أميصوم التى من أعنفها الهجوم الذي استهدف على مقر الرئاسة الصومالية حيث تمكنت الحركة باقتحام عدّة نقاط تحقق هامة للجيش الصومالي، أما الإغتيالات والإنفجارت التي نفذتها الحركة خلال رمضان الماضي فحدث ولاحرج.

ويمكن ان نفسّر تكثيف الحركة هجماتها على محافظة شبيلي السفلى الواقعة في جنوب الصومال هو خلق توازن الرعب التي فقدتها إثر مقتل قائدها الروحي أحمد غودني في غارة جوية امريكية 2014م في شبيلى السفلى، ولرفع معنويات مقاتليها التي تضعضت جراء إنسحابهم من مدن إستراتيجية تقع في جنوب ووسط الصومال، ويمكن القول بأنّها تدور حول فلك إثبات الذات وحضورها الميداني وكأن الحركة تقول "لطالما أقتل فأنا موجود".

وتبرهن الهجمات الأخيرة التّي شنتها الحركة على القوات الإفريقية والصومالية مدى إمكانيّة تنفيذها سلسلة من الهجمات المتوقّعة الدّامية التّي وعدتها ضد أعدائها خلال رمضان الحالي وفي نفس الوقت يؤكد أيضا قدرة الحركة على زعزعة الأمن والإستقرار لإبقاء ذيلها في أدغال الصّومال، ممّا يجعل تهديدها العسكري واضحا على الدّولة الصّومالية وحلفائها الذّين يعملون بشق الأنفس بتحقيق السلام والأمن في المناطق التي تقع تحت سيطرة الدّولة الصّومالية والقضاء على خطر حركة الشّباب التي تشَكّل صُداعا مزمنا في رأس الحكومة وحلفائها.

 ومنذ انسحاب حركة الشباب عن مقديشوا في أغسطس 2011م نتيجة عدم تمكنها من الدفاع على مواقعها داخل العاصمة لجأت بأسلوب حرب العصابات وهي حيلة المستضعفين، كما أن هجماتها المحدوة خلال الشهر الجاري ركزت خارج العاصمة وأطرافها الجنوبية، وهو تطور نوعي يحسب لصالح الحكومة الصومالية.

التّهديد الأمني لدول الجوار
تهديد الحركة لايزال مستمرا على دول الجوار وهو الأمر الذي يؤدي إلى وجود حالة حرب إعلامية ونفسية وأمنية لدى الدول المستهدفة من قبلها، حيث أعلنت دولة أوغندا بوجود تهديد أمني، بينما الحالة الكينية تتسم بالإرباك الأمني بسبب وجود عناصر للحركة والتي تتحرك بحرية تامة في المحافظات الكينية المجاورة للصومال.

تدراكت كينيا الأمر حيث سدت معظم الثغرات الأمنية المتصلة بالحركة إلا أن تهديدها لايزال قائما، أما أوغندا فقد وضعت قواتها في حالة تأهّب قصوى لمواجهة خطر حركة الشباب بعد حصول كمبالا معلوماتا موثوقة تفيد بإمكانية وقوع هجمات دامية تنفذها الحركة والتي تشبه هجمات 2010م في كمبالا التي أسفرت عن مقتل مدنيين أوغنديين.

وقد تبنت الحركة مسؤولية الوقوف وراء سلسلة من هجمات دامية في كينيا والتّي أدخلت الأخيرة في أتون حروب لا غالب فيها ولا مغلوب حيث لا أمل في تحقيق إنتصار كينيا ضدّ حركة الشّباب، وتوعّد قائد في الحركة رفض الإفصاح عن هويّته لوكالات الأنباء قبل شهر رمضان: "أنهم سوف يستهدفون ويدمرون القطاع التّعليمي والقطاع التّجاري بكينيا، وقال: (نحن نعتزم أنّ تعرف الكينيون -غير المسلمين- بما هو الجهاد وذلك خلال الأيّام أو الأسابيع القليلة المقبلة).

الأمر الّذي أصبج لغزاً يحيّر الحكومة الكينيّة أكثر هو أنّه لا يعرف شيئا عن العقل المدبّر ولا عن الساعد المنفّذ ولا عن الّذي أمدّ بالمعلومات الاستخبارية التّي ساعدت على اختيار المكان المستهدف وتوقيت العمليّة وطريقة ارتكابها فضلاً من الإغتيالات المتتالية التي تنفّذها عناصر نشطة من الحركة، والأمر الّذي يثير الاستغراب أيضاً هو تلك السّهولة التّي تنفّذ بها حركة الشّباب غاياتها وتصل بها إلى أهدافهم الموجعة، ولاشكّ أنّ في الجهاز الأمني الكيني عناصر فاسدة ذات الفعاليّة الكبيرة في داخله لاتهمها سوى الرشوة البسيطة والتي تساهم في تسهيل عمليّات حركة الشّباب، وعلى هذا الأساس فإن الجناح الأيسر المعارض للحكومة أكّد مراراً أنّه يستحيل أن يوجد حلٌ جذري للأمن الكيني إلا بتنقية الجهات الفاسدة عن الجهاز الأمن وحجب الثّقة عنهم وعزلهم.

السيناريوهات المحتملة
    على الرّغم من مساندة الحكومة الصّومالية من قبل بعض الدّول والدّعم المالي الغير المسبوق الّذي حصلت عليه الدّولة التّى يرأسها حسن شيخ محمود التّي لم يبق من انتهاء مدَّة حكمها إلا أيّاماً معدودات؛ لكنَّها لم تنجح أن تستعيد البلاد مكانتها في خارطة العالم من جديد واستتابة الأمن وعودة الرخاء اللّذين داعب أذهان أبناء الصّومال الّذين لازال جرحهم يندمل سنيناً مديدة.

ولعلَّ هذا يرجع إلى عاملين أساسيّين أحدها: ضعف المصروفات الشّهرية لجنود الدّولة الصّومالية الّذين لم يلقوا من الحكومة رسوماً شهريّة تكفيهم سوى مرّة أو مرّتين في السّنة كلّها بالإضافة إلى عدم نظرة حاجاتهم بعين الإعتبار مما يجعل الصّومال تدور في حلقة مفرغة وتسبّب لها بشلل يعيق النُّهوض.

والثّاني هي التجاذبات السّياسية والخلافات المتفاقمة يوماً تلو الآخر والتّى أصبحت بارزة في أروقة الحكومة كأداء تتجسّد في كلّ حين أمام رؤساء الصّومال، ومن المعلوم أن النّزاع والتّعنت لم يحقّقا لأيّ طرف من الأطراف مراميه السّياسيّة؛ بسبب التّدخلات الخارجية التّي تحيط بها إحاطة السّوار بالمعصم، وهو الأمر الذي يجعل الأمن والإستقرار بعيد المنال وأكثر تعقيداً.

وأيّاً كان الأمر فإنّ الكثيرين من المحلّلين يتوقّعون أنّ هذه الأيّام حبلي بالاحداث والهجمات النّوعية لحركة الشّباب في الصّومال التّي توعدتها سابقاً، وأن الخلل بين أركان الأمن ستمنح فرصاً أكثر لحركة الشّباب التّي تقود  تمرّدا مسلّحا ضدّ الحكومة الصّومالية وحلفائها في القارّة السّمراء؛  لينفّذوا مزيداً من العمليّات النّوعية في كل من الصّومال وشمال شرق كينيا قبل نهاية الشهر مالم تكن هناك جهود مضنيّة واستعداد صادق وقبضة حديدة ومراجعة جذريّة تجاه الأمن وحفظ السّلام.

حسن تركي وتأثيره في صراع الصومال

0 التعليقات


كانت الجماعات المسلّحة التي سطع نجمها في الصّومال سبباً في تحريك حلبة الصّراع الدّائم وجزءً من المشكلة الصّومالية التّي أصبحت تنزلق الى الأسوأ بين عشّية وضحاها، وكانت الجماعات الإسلامية في بداية التسعينات تسيطر جزءً كبيراً من جنوب الصومال واستخدموها كمركز لإدارة الحروب الطّاحنة بين إيثوبيا والإتّحاد الإسلامي آنذاك، وكان لهم أيضاً مساهمة فعالة في تصّدي مصالح الدول الغربية في القارة الإفريقية كما بسطوا يد المعونة للجنرال فارح عيديد الذي خاض حرباً ضروساً مع  إمريكا وحلفائها في التسعينات.

    يُعدّ الزّعيم المعروف بلقب (حسن تركي) من أبرز قادة الحركات الإسلامية  في الصّومال ومؤسّسيها بل من الممكن أن يطلق عليه بأنّه العمود الفقري والقائد الرّوحي لهذه الحركات كلّها، وكان من القلائل المقرّبين إلى أسامة بن لادن وكانا متّفقان في القتال ضد الصليبيين واستغلّ تركي من الشباب الّذين يعانون بالبطالة التّي عمّ البلد فتوفّر لهم بمتطلبات الحياة من تزويج وإعطاء رسوم شهرية كافية فحصل قوة عظمى عانت بها القارة السّمراء ردحاً من الزّمن، ويتميّز تركي بخلاف زملائه في الدّرب عدم الخيفة والتستر وإلقاء المحاضرات في  المنابر، قبل ان يقعده المرض الذي جعله طريحا علي الفراش، واصبح سببا لوفاته.

وبعد ظهور المحاكم الإسلامية في عام 2006م وسيطرتها بمعظم المدن الرئيسية الواقعة في جنوب الصومال التي من بينها العاصمة الصومالية مقديشو  كان من الذين تحوّلوا الصّومال مركزاً للحركات الجهادية الصّومالية ومأوى لرفقائهم الأجانب القادمين من بلادهم تأييداً لهذه الحركات والفارين من مسقط رأسهم أيضاً المطلوبين من قبل إمريكا وحلفائها بتهمة الإرهاب، وكان تركي ومعسكره من القوى التّي تعتمده المحاكم الإسلامية واستفادت المحاكم من الخبرة العسكرية التّي كان يتمتع بها معسكر (راسكامبوني) فأعطت لهم التدريب علي كثير من شباب المحاكم.

وكان الغرب ودول الجوار يرون أن تركي يشكل خطرا عليهم، وهو الأمر الذي أدّي إلي التواجد الغربي الكثيف من المخابرات في الصومال، كوسيلة للتدخل وإثارة الحروب ضدّ هذه الحركات الإسلامية تحت لواء مكافحة الإرهاب وإعادة الأمن والسلام في داخل الصومال وأصبح الصراع يدير في عنق الزجاج ولم يوجد بعدُ أي حلّ نهائي.

حسن تركي مولده ونشاته:

ولد حسن عبدالله حرسي المعروف بـــ (حسن تركي) في مدينة قبري دهري بإقليم أوغادين الخاضع لإيثوبيا في عام 1942م ونشأ في وسط أسرة لاتملك الكثير من الأموال والممتلكات بل كانت أسرته تعاني بقصر اليد وقلة الحيلة، وكان والداه يعانان بتحصيل القوت اليومي لأولادهم، وفي بداية مرحلة شبابه عزم حسن تركي أن يندمج في سلك الحركات المكافحة المتواجدة في أوغادين آنذاك، فشارك العديد من الحروب في بداية الستينات -ولم يزل في ريعانة شبابه- مع القوات الإيثوبية، وبعد مدّة من مشاركة الحروب الطاحنة مع إيثوبيا ارتحل حسن تركي إلى العاصمة الصومالية مقديشو طلباً للعلم الشرعي فالتحق إحدى المدارس وتخرج عنها في بداية السبعينات.

والتحق تركي  بجامعة المدينة المنورة فتخرج عن كلية الشريعة الإسلامية ورجع إلى الصومال في بداية الثمانينات. واحترف بنشر الدعوة الإسلامية في أوساط الشعب الصومالي، وكما ذكر الناطق الرسمي لحركة الشباب كان حسن تركي مسئولاً على اغتيال مبعوث الفاتيكان  الإيطالي سلفادور كولومبو المغتال في 9-يونيو-1989م  في العاصمة الصومالية مقديشو الذي لم يعترف مقتله أحد بعدُ، وتسبب مقتله غموضاً في علاقة إيطاليا مع الحكومة الصومالية وذكرت إيطاليا بأن مسئولية مقتله تحمل الحكومة الصومالية التي يرأسها سياد بري، ومن جهتها توعدت الصومالية مبلغاً مالياً لكل من أتاح لها في إلقاء القبض على المنفذ الرسمي للعملية أو اي خبر يرشدها نحو المتهم، وبما أنه كان من ضمن الجيوش الصومالية للحكومة لم يعثر عليه أحد وانتهت عملية التفتيش فاشلة ولم تنجح.

 زار حسن تركي إلى أفغانستان مرتين، وتلقّى  زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن محمد بن لادن، وبعد رجوعه من هناك التقى مرّة ثانية مع أسامة بن لادن في أرض السودان، ويذهب المحللون أن الزعيمين بينهما علاقة وطيدة ومتأصلة وكانا متقاربان فكريا ومنهجيا فتعاهدا بأن يتعاونا في الجوانب اللوجيستية والمادية أيضاً.
وفي مطاف التسعينات من القرن المنصرم أسس حسن تركي معسكر راسكامبوني الذي اصبح مأوى لكثير من عشاق الجهاد من الصوماليين والأجانب القادمين من بلادهم، كما أرسل اليه أسامة بن لادن عددا كبيرا لاتستطيع الأنامل بعدّها من غير الصوماليين ليعاونوه عن اللوجيستيات، فأصبح معسكر راسكامبوني مصدرا هامّا للحركات الإسلامية في الصومال وبعض الدول المجاورة، وكان حسن تركي مسئولا عن تفجير السفارة الإمريكية في نيروبي والتى نفذها بعض أتباعه فأضافته إمريكا في قائمة الإرهاب.

وبعد الخلاف المرير الذي دار بين الإسلاميين بعد استبداد غودني المغتال للحكم وأيضاً بعد تصفية زملائه في الساحة وأصبحوا في مفترق الطرق؛ اضطر معسكر راسكامبوني الذي يرأسه حسن تركي بالإندماج في سلك رعية ذاك الأمير المطاع في المنكر والمعروف والخضوع لزبانيتة التى لاترحم لأيّ أحد.

ومنذ انضمامه للحركة كان يعاني بمرض مزمن جعله طريحا على السرير لمدة تقارب خمس سنوات، وكمايعتقد الكثير من المحللين لم يكن له ثاثير بارز في أوساط حركة الشباب، وكان لايعلم الكثير من قرارت الحركة كغيره من قادة الحركة الذين اغتالتهم زبانية (غودني)، وجاءته المنيّة -على فراشه بعد صراع طويل-  في منتصف ليلة الأربعاء الموافق 29-05-2015م عن عمر يناهز 73 عاماً في قرية هرجيسا-يري التابعة لإقليم جوبا السفلى.

مسلمو كينيا... في قفص الإنتقام

0 التعليقات



     بدأ الأمن الكيني يتدهور تدريجياً منذ ان اعطت الحكومة الكينية جيوشها الضوء الأخضر  بدافع الذود عن الوطن، والقضاء على الخطر الذي يهدد أمن الوطن  وهو حركة الشباب المتشدده التي برزت كجزء من ظاهرة المحاكم االإسلامية، وكانت الحركة تسيطر معظم الجناح العسكري للمحاكم الإسلامية فخاضوا معارك عنيفة مع الدولة الصومالية  التي اسست في قرية امبجاثي من ضواحي نيروبي وتم انتخاب المرحوم عبدالله يوسف أحمد كرئيس للحكومة الإنتقالية التي كونت من زعماء الحرب الذين كانوا يسيطرون جلّ الأقاليم الصومالية آنذاك.

    وتميّزت حركة الشباب عن غيرها بقساوة الفكرة، وشدة الحكم وشذوذ المعتقدات، فكانت الحركة تنظر بعين التهديد والتخويف نحو كل من أنكر أفعالها المبنية بالعنف والتشدد، بينما كانت تمارس دائماً في تخلص حياة كل من سوّلت له معارضة أميرها المغتال؛ مماأودى بحياة جزء من نخبة زعمائها بعد تمردهم ببعض قرارات زعيمهم كإبراهيم الأفغاني ومعلم برهان وابومنصور الإمريكي الذين اغتالتهم زبانيّة الحركة قرب مدينة براوي الواقعة في اقليم شبيلي وذلك بعد إصدار  تقريرها المشهور الذي سمته بـ (هذا بلاغ للناس) والذي بدا كتحذير لهؤلاء المغتالين، وظلّ بعضٌ من زعماء الحركة يستبدون للحكم وينفردون دون زملائهم في الساحة؛ إذ كان غودني المغتال - في يوم الإثنين الواحد من سبتيمبر  2014 قرب مدينة براوي- عنصرا نشيطا في الحركة وقائداً مسيطرا وعضواً فعالا بل كان عمودها الفقرى، وقد أعلن غودني قبل اغتياله بوضوح أن الأمن الكيني سينزلق إلى مستنقع الفوضى إن لم تتوقف كينيا بتدخل الولايات التى تسيطر الحركة، وبعد تلك اللحظة الفارقة خططت الحركة مخططات جديدة للقيام بردود أفعال شنيعة، وتحويل المعركة إلى عقر دار الكينين، لإجبارهم بسحب قواتهم من الجنوب.

وضاعفت حركة الشباب العلمليات التي أفزعت البلد وأربكت المواطنين ، ففي 21 من سبتيمبر  2013م هاجم عناصر من الحركة مركز تسوق ويستغيت وسيطرو عليه لمدّة أربعة ايام وقتلوا في داخل المبنى 67 شخصاً وأصبح الهجوم ضربة قاصمة للاقتصادي الكيني، وكما ذكر للصحفيين أحد الذين نجوا من داخل المبنى: "إن بعضاً من العناصر المسلحين غيّروا ثيابهم في داخل المبنى وتسللوا إلى الخارج في حين كان الجيش الكيني مشغولا بانقاذ المتضررين من صفعة حركة الشباب التى لاتبقى ولاتذر"، وتتابعت عمليات الحركة ضد الكينيين الذين استهدفتهم الحركة بسبب معتقداتهم الدينية لا انتماءاتهم السياسية واستمرت الهجمات بوتيرة متصاعدة وبخسارة فادحة أشد من ذي قبل وقد ركّزت الحركة بعضا من المناطق الكينية كــ (لامو وقارسا ووجير وممباسا).

وبعد مقتل قائدها الروحي غودني تولّى  زمام الحركة أحمد ديريي الذي أوصى غودني بأن يكون خليفة بعده ويذكر أن موقف الرجلين متقارب جداً وخصوصا الجوانب العسكرية ومواجهة أعدائهم وتشكيل خلافة إسلامية تظل القرن الإفريقي ممتدّة إلى أقصى بقاع الأرض، فبدات الحركة توجّع أعدائها بالهجمات الدائمة والمفاجئات الموجعة، ففي مطلع شهر دسيمبر من السنة الماضية نفذت جماعة من حركة الشباب المتشددة - ثأراً لزعيمها المصروع - بمجازر شنيعة في منديرا قرب الحدود الصومالية وراح ضحيتها بضع وستون من غير المسلمين والذين كانو متجهين نحو العاصمة الكينية بعد عودتهم من عملهم ومعظمهم كانو يدرسون المدارس الحكومية في القرى التابعة لمنطقة منديرا الحدودية، بينما كان البعض الآخر يعملون من منجم يستخرج منها أحجار البناء، وقد ميّزت جماعة الشباب المسيحين عن المسلمين وقد تمّ ذلك بعد سؤالهم بعدة أسئلة تتعلق بالقرآن كالفاتحة وغيرها.

ولم تتوقف المجازر بهذه فحسب ففي 2 أبريل من هذه السنة تبنت الحركة الهجوم الدامي الذي استهدف بجامعة قارسا ويعدّ هذا الهجوم من أعنف الهجمات التي تلقتها كينيا من قبل حركة الشباب وأسفر عن مقتل 150 طالبا وطالبة وأساتذة لجامعة قارسا، وأكد علي طيري المتحدث الرسمي لحركة الشباب المتشددة معلقاً على الهجوم الذي تبنته الحركة: "إن الذين تمّ استهدافهم كانو مسيحين فقط وأنهم ميّزوا المسلمين عن المسيحين قبل الإبادة الجماعية، وتوعّد لكينيا بأن عملياتهم ستسير على قدم وساق ولن تتناقص إن لم تكفّ الحكومة الكينية أيديها عن التدخل بشئون الحركة وحكمهم الذي يخدم ماسمّاه لمصلحة المسلمين".

يذهب المحللون وخبراء سياسيون أن وراء تمييز المسيحيين عن المسلمين أثناء تنفيذ عمليات الحركة في كينيا سياسة عميقة لصالح حركة الشباب وهي تقسيم الشعب الكيني دينياً وعقدياً والتي تمنح فرصةً كبيرة لنشاطات الحركة وتؤهلها بأن تبسط امبراطوريتها الى الأراضي الكينية وتزداد الشعلة لهيباً وتوهجا؛ ويستدل المحللون برأيهم أن ماتدعيه الحركة من حماية دماء المسلمين في داخل الأراضي الكينية لاتصدقه الأحداث والوقائع مثلاً : في العاصمة الصومالية يموت زهاء آلاف من الشعب البريء المسلم  في ظل العمليات الإنتحارية التى تنفذها الحركة، وكانت تستهدف الشعب في المجمعات والأندية والملاهي والمقاهي والمراكز التجارية، ثم أخيراً في المؤسسات التعليمية، مما جعل عملياتها غير إنسانية في نظر العالم بأسره، وتذرعت الحركة أن كل من أودت هجماتهم ممن لايستحقها على ضوء فكرتهم المشينة سيبعث -وهو بريء- على نيته الخالصة وسيبقى شهيداً في معيارهم الديني، وأمّا في كينيا فإنهم ينقذون ويسعون لمصالح المسلمين !.

     أدخلت هجمات حركة الشباب الأقليّة المسلمة  بكينيا في قفص الإنتقام والإتهام؛ إذ ذكرت الحكومة الكينية أن الخلاوي القرآنية والمدارس الإسلامية وبعض المساجد كلها تعتبر محاضن للإرهاب، فاختطفت الحكومة بعض رجال الدين وفتيان ناشطين ولم ير لهم أثر بعد الإختطاف إلا القليل منهم ممن رموا كالجثة قدام منازلهم وقد تلقوا بالتعذيب الجسدي!، وكذلك استجابت الحكومة الكينية بعد تلك الهجمات المتتالية بإغلاق المصارف المالية التي كانت تعتمد عليه حياة مئات من المسلمين المنتظرين بنفقاتهم العائلية عن أقاربهم الماكثين في المهجر كإمريكا وأوربا مثلاً، وصارت لطمة شديدة في خدّ معظم مسلمي كينيا بينما أصبح الإقتصاد بحالة ركود ملحوظ -وإن كان الصوماليون أكثر تضحية لرود الحكومة الكينية-، والتهبوا بتوهّج نار نتجت من أفعال حركةٍ لاتمثلهم ولاتسعى لصالحهم أبداً وصاروا ضحايا للإنتقام الكيني دائما، ومن استجابات الحكومة أيضاً أن قامت االحكومة الكينية بتجميد أموال الكثيرين من ابرز علماء وتجار المسلمين في كينيا وأضافتهم إلى قائمة المتهمين بتمويل ماسمته الحكومة الكينية بالإرهاب وتسهيل الهجوم الدامي بجامعة قاريسا، ومن بين هؤلاء  رهط من علماء المسلمين في كينيا الذين تبحثهم زبانية حركة الشباب المتشددة لترقهما في سلك المغتالين وذلك لكثرة ردوداتهم الدينية بنشاطات هذه الحركة التي لا تمت للإسلام بصلة فأصبحوا كالمستغيث من الرمضاء بالنار، ومن بين هؤلاء المتهمين أيضاً من قضى نحبه ووافته المنية في وقت سابق مثل الشيخ حسن عبدالرحمن الذي توفي بنيروبي في نهاية العام المنصرم.

سياسة الصّومال ... جمرة تحت الرّماد !

0 التعليقات




لم يكن خافيا على أحدٍ تلك الفرحة التّى عمّت جميع أرجاء الصّومال إثر انتخاب حسن شيخ محمود رئيساً لجمهورية الصومال الفيدرالية ، حيث ابتهج لها الكثير من المواطنين  في الداخل  والمهجر  ، وكانت نظرتهم – آنذاك – أنّ إنتخاب شخصية من المجتمع المدني ، عاش وسط المجتمع طيلة سنوات النكبة ، بإمكانه  إيجاد حل نهائي  للمشاكل الكثيرة ، وأنّ الأمور ستؤول إلى واحة من السلام والأمن الذي كان أماني الصوماليين من أجل أن تستعيد بلادهم مكانتها في خارطة العالم من جديد ، فعقدوا الحفلات والكرنفالات المؤيدة للحكومة الوليدة ولقادتها في أماكن شتّى داخل الوطن وخارجه ، معلقين آمال عريضة على  القيادة الجديدة !.

 وانطلاقاً من  الأمل الذي داعب أذهان أبناء الصومال ، واعتباره بادرة طيبة ودليلاً على حسن النوايا ، بدأت الحكومة الصّومالية تسير على قدمٍ وساق لاستعادة هياكل الدولة ، حيث أُعيد  فتح  العديد من مراكز الدّولة المهجورة منذ سقوط الحكومة المركزيّة ، كما نشّطت فروع الدّولة بكافّة مستوياتها ،  مما ساهم في تعزيز الأمل .

وبالرّغم من وعود الرئيس الجديد بأن عهده لن يشهد الخلافات المعهودة بين المسئولين الكبار، إلا أن الخلافات السياسية والدستورية سرعان ما طفت على السطح بعد عام من تنصيبب حسن شيخ محمود ، وسحب البرلمان الثقة من رئيس الوزراء الأول شردون لنيته إجراء تعديل وزاري لم يرض الرئيس .

وما كاد عام آخر يمرّ على تعيين عبد الولي شيخ محمد مكان شردون ، حتى عادت الخلافات تستعر لمجرد إجراء تعديل وزاري بسيط ، فما كان من الرّئيس  إلا أن يرفض هذ التعديل الوزاري بحجة عدم قانونيته ومخالفته للدستور تارةً ، وعدم إستشارته في التعديلات من قبل رئيس وزرائه تارةً أخرى ، فضلا عن عدم الحاجة إليها في هذا الظرف الحساس وأصدر بياناً يلغي فيه قرارات رئيس الوزراء ويدعوا فيه الوزراء لممارسة مهامهم الاعتيادية ، واعتبار التعديلات كأنها لم تكن .
 في أن المراقبين يذكرون أن سرّ رفض الرئيس للتعديلات يكمن في المساس بمنصب وزير العدل والشئون الدستورية المقرب من الرئاسة ، وتعيينه وزيراً للثروة الحيوانية ، ما يعني أنّ رئيس الوزراء بات يشكل تهديداً للرئيس والمقربين منه .
يذهب محللون إلى أن مصدر هذه الخلافات المتكررة بين الرئيس ورئيس وزرائه طيلة السنوات الماضية منبعه الدستور الفيدرالي المؤقت، ونصوص فقراته المتضاربة  والغامضة التى لا تشير بشكل واضح لصلاحيات ومهام كل من الرئيس و رئيس الوزراء ، المتداخلة في بعض الأحيان ، فضلا عن غياب مؤسسة مختصة في فض النزاعات الدستورية كالمحكمة الدستورية العليا .
في المقابل يرى فريقٌ آخر بأنّ سبب الخلافات المتجدد يتمثل في التصرفات الدّكتاتورية للرّئيس وإرادته ، ومحاولة مؤسسة الرئاسة الاستئثار بالسلطة والقرار دون بقية مؤسسات الدولة ، بغض النظر عن مصلحة الدولة ، بالرغم أنّ تشكيل هيئات الدولة وتنظيم وزاراتها حسب هؤلاء من حق رئيس الوزراء ولا دخل للرئيس كما هو نصّ الدستور ، فقد ورد فيه – المادة 100 قسم الفقرة ب –  : ( صلاحيَّات رئيس الوزراء تعيين وعزل الوزراء ) .
ولحسم الخلاف بين المسؤلين المتصارعين أرى أنّه  لابدّ  أن يتمتع كلٌ من الرئيس ورئيس وزرائه بالمرونة ، والقدرة على تقبّل وجهة النظر الأخرى ، وأن يتعاونا على ما فيه مصلحة الشعب ، وأن يلتزم الرئيس بالدستور ويحترم رئيس الوزراء وإلّا ستبقى  الأمور  كما هي إن لم تنزلق لحالة أسوأ !.

ماذا بعد مقتل غودني – زعيم حركة الشّباب ؟

0 التعليقات





كانت   الصومال في الأونة الأخيرة تتعرض لغارات جويّةٍ غربيةٍ تستهدف بأشخاصٍ مطلوبةٍ لدى المنفّذين ، وللولايات المتحدة الأمريكية  القدح المعلي ونصيب الأسد في إقتناص الفرائس والإنقضاض على زعماء الحركة الصومالية الموصوفة بالإرهابية ، ومن ضمن هذه السّلاسل استهدفت طائرتان حربيّتان ،  واحدة بطيّار وأخرى بدون طيّار –  الإثنين الواحد من سبتيمبر الجاري -   زعيم حركة الشّباب الصوماليّة أحمد عبده غودني حسب تقرير ( كيري ) –  السّكرتير الصّحفي للبنتاغون - الّذي قدّمه للبنتاغون .

واعترفت حركة الشّباب بتلك الصّفعة الشّديدة التّي أصابت على جبينها ، حيث بادرت بإصدار تقريرٍ تحت شعار (    ربح البيع أبا الزّبير ) ذكرت فيه مقتل زعيمها متوعّدة بالثّأر لمقتولها المصروع وأن أعداءها ستجني الثّمار المريرة التّي زرعوها ، كما  نشرت عبر مواقعها على الإنترنت بفيديو لمتحدّثهم علي محمود راجي ( علي طيري ) يتأكد به تلك الواقعة .

وهذه العملية لم تلق  الترحيب من الشعب الصومالي لأنها بمنظور الكثير منهم هي  حرب الغرباء على مصير وطنهم الذي اصبح ميدان صراع لمن لا يهمهم امر هذا الشعب المغلوب على امره فلا هو- الشعب-  يبارك العملية الأمريكية التي تقتل خصومها بصواريخ ذكية وأخري غبية ولا حزن لموت إبن الصومال الذي لم يهمه الا ارضاء سيده في جبال الأفغان بل وزرع الخوف والرعب في قلوب الصوماليين حتي اصبح الشعب  غير مبال لمن تكون له الغلبة في الحرب لقسوة الحركة وبأسها الشديد على الصوماليين قبل الغزاة.

     ويكتنف الغموض بتوقيت العمليّة وكيفيتة تنفيذها ومن كان الدليل والعضو الخامل  لسى أي اي في داخل الحركة الأمنية الذي ولا شك أنه من عليَّة القوم وسادتها ومن أهل الشأن والمنزلة لذي الأمير المغتال وسبب الغموض يعود لأمورٍ ثلاثةٍ :

أولاً : عدم صدور تقرير عن حركة الشباب يبيّن كيفية العملية والأسباب التي أدت بقتل الزعيم الحذر ،وكانّ لسان حالهم يكرر مع ابي فراس الحمداني :

        ولكن إذا حمّ القضاء على إمرء ***  فليس له بر يقيه ولا بحر

ثانياً : عدم إصدار  تقريرٍ واضحٍ من الولايات المتّحدة يصف كيف تمت  هذه العمليّة الناجحة ومن يعود الفضل الأكبر في إصابة الهدف الثمين والصيد السمين .

ثالثاً : عدم امكانيّة وصول الشعب  بمكان الحادث ليروي لنا تفاصيل هذه العمليّة الناجحة التي تسجل لصالح المخابرات  الأمريكية .

أما الدّولة الصّوماليّة فقد رقصُت لمقتل غودني وأكّدت بأنّها ستكون نهاية هذه الحركة التّي مرّغت أنفها ، وأشارالرئيس الصومالي حسن شيخ محمود  العملية الباسلة التي أودت حياة عدوه اللدود غودني وطلب إستدامةمثل هذه العمليّات ضدّ الحركة ، كما وجه خطاباً لغير الصوماليّين الّذين جاؤوا الصومال ليقاتلوا حكومتها صرّح فيه أن الصومال للصوماليّين – فقط - وأمرهم بمغادرة البلد والرجوع إلى بلدانهم .

ومن الملاحظ أنّ صراع الصّومال يمرٌ بأيّامٍ صعبةٍ وظروف قاسيةٍ يتلظّى بناره الشعب الصومالي ويقاسي شدائده المواطنون ، ومن أمعنَ النّظر فيها يجد أنَّ مصدره  محاولة الحركة  البقاء بين الأمواج العاتية التي هبت عليها من كل حدب وصوب  ومحاولة الحكومة  مع اصدقائها الغربيين ودول الجوار سيطرة البلد وتوليّته والحكم عليه ، بينما ظل معظم الشعب الصومالي الذّي يقطن في المناطق الجريحة يطبِّل  من يحكم منطقته طوعا أو كرها ، بل أصبح الشعب غير عابئ بما يدور حوله ولا يرفض قدوم الأجنبي ولا حضور العربي الملثم بل ولا يتظاهر لعرض أنتهك فلم نسمع إحتجاجا ولا تنديدا بإغتصاب صغيرات من قبل القوات الإفريقية العاملة في الصومال (أميصوم)

ولا يعني هذا أنه ليس في الوطن  ذو عقلٍ سليمٍ ليحلّل المشكلة فقد حاول كثير ون منهم أن يجدوا لها حلاً من بينهم العلماء وأهل الحل والعقد والعقل  لتعط القوس باريها... لكنها لم تفلح !!!

يتمني الشعب الصومالي الجريح الّذي آلمته شدائد الحروب بإعادة الأمن والإستقرار إلى وطنه الحبيب  ولاشكّ أنّ هذا يحتاج إلى وقت طويل ولكن سننتظر إلى أن  يعود  الصومال إلى واحة هادئة وارض سعيدة ؟!! .

شخصية غودني  :

ولد أحمد عبده غودني المعروف لدى الحركة ب (مختار عبد الرّحمن) المكنّى ب (أبي الزّبير) في هرجيسا – على الرّاجح – وقيل في مدينة ( لانقيرتا ) في الصّومال الغربي والتّي تخضع لإثوبيا ، وهو من مواليد عام 1977م درس في هرجيسا المراحل الأساسيّة للتّعليم  وهو منسوب إلى قبيلة (إسحاق) السّاكنة في شمال الصومال المنطقة التي تسمي  أنفسها ب (صوماليلاند) ، وفي بداية التّسعينات كان غودني من ضمن شبابٍ تمكنوا حصول  دراسةً جامعيّةً منحهم المفتي العام للدولة السّعودية آنذاك الشيخ عبدالعزيز ابن باز فذهب إلى باكستان والتحق بكليّة الإقتصاد بالجامعة الإسلاميّة العالميّة في إسلام أباد حيث أخذ هناك شهادة البكلاريس .

وفي عام 1997م رجع غودني  إلى هرجيسا مع رفيقه في الدرب إبراهيم حاج جامع المعروف ب (إبراهيم الأفغاني) وحاولا تأسيس حركة إسلاميّة في هرجيسا فلم يتسنّ لهم  ذلك لصعوبات شديدة واجهتهما ممّا أدّي بهما الإرتحال إلى مقدشوا عام 2002م.

وفي أيام المحاكم الإسلاميّة أصبح غودني السّكرتير العام للمحاكم ثمّ أصبح رئيساً لحركة الشّباب في عام 2007م بعد أن قبضت إمريكا زعيم الحركة آنذاك إسماعيل عرالى وزجَّته في سجنها غنتوناموا بي أثناء سفره إلى إرتيريا ، وفي سنة 2008م ولّى غودني المنصب العسكري لهذه الحركة بعد تصفية  آدم حاش عيرو في قصفٍ نفذته  إمريكا .

وخلال  حكمه الحركة صارت العمليّات الإنتحارية أضعافاً مضاعفة بغضِّ النّظر عن مضارّها الكثيفة والتّى أوجعت الكثير من بينهم الشّعب الجريح ، كما قام بتصفية زملائه في السنة الماضية بعد أن صدر بفتوى كانت عنوانها (  هذا بلاغ للنّاس ) لتكون نهاية حياة من سولت له نفسه معارضة الزعيم الملهم والقائذ الموفق حسب ما يراه  أتباعه اهل الطاعة والسمع في المنكر والمعروف !! ، وعلى طليعتهم إبراهيم الأفغاني ومعلم برهان بعدما أصرّا بأفكارهما التّي كانت ضدّ زعيمٍ لايحبّ المباراة في السّلطنة ، أضف إليهم أبا منصور الإمريكي الّذي لم يتعظ بأنين الأميرين ونسي أو تناسي بأن زبانيّة الأمير تبحثه لتصفعه وتُرقِّمه في الموتى حتى ابتلعه القبر ومات بايدي أبرار الأمير.

ولم تكن الهجمات الضّارية مخصوصة بداخل الوطن فحسب بل أوصلها البلدان المجاورة ، فمن غزوات الأمير  والحركة هجومهم  مركز لمشاهدة المبارات  في كامبالا – أوغندا  في مطلع عام 2010م والتّي قتلت فيه العديد ممّن كانو في تلك المنطقة , وفي عام 2013م غارت قوّات تابعة لهذه الحركة مركز تسوُّق ويست غيت وقتلت فيه  67 شخصاً .

ولاشكّ أن غودني  كان عنصراً نشيطاً  في الحركة وقائدا مسيطرا  وعضوا فعالا بل كان عمودها الفقري وعماد خيمتها التي يخشي لها السقوط بعد مقتله ، و كانت له خبرة عسكرية وإداريّة وبعد مقتله أصبحت السؤال الوحيد المشهورة بألسنة الناس ما مصير الحركة في مقبل الأيام  وهل تكون هذه اللّطمة الشّديدة تؤثر عمليّاتها وتهدد وجودها  ؟ أم ستدوم الحركة وتخرج من بين الأخطار اصلب عودا واقوي من ذي قبل فيكون القتال مستمراً ومشتعلاً في أرجاء الوطن ؟!!!!.

 ولكن المؤشرات تشير ضعف الحركة بعد قوتها وذبولا بعد حيوية وقلة بعد كثرة وكما يقال ان الأثر يدل على المسير  وإنّ البعرة تدل على البعير و الهزيمة يتيمة والنصر له الف اب !! فهل هذه اللطمة هي القاضية ام انّ الايام دول ؟؟ ... بعض الأسئلة لا يجيب عنها الا الزمن.




كـافـــة الـحـقــوق محفـــوظــة لمــــدونـــة عبـــداللــــــــه كســــمــايــــو