مرحباً بكم أعزائي الكرام

مرحباً بكم أعزائي الكرام

حسن تركي وتأثيره في صراع الصومال



كانت الجماعات المسلّحة التي سطع نجمها في الصّومال سبباً في تحريك حلبة الصّراع الدّائم وجزءً من المشكلة الصّومالية التّي أصبحت تنزلق الى الأسوأ بين عشّية وضحاها، وكانت الجماعات الإسلامية في بداية التسعينات تسيطر جزءً كبيراً من جنوب الصومال واستخدموها كمركز لإدارة الحروب الطّاحنة بين إيثوبيا والإتّحاد الإسلامي آنذاك، وكان لهم أيضاً مساهمة فعالة في تصّدي مصالح الدول الغربية في القارة الإفريقية كما بسطوا يد المعونة للجنرال فارح عيديد الذي خاض حرباً ضروساً مع  إمريكا وحلفائها في التسعينات.

    يُعدّ الزّعيم المعروف بلقب (حسن تركي) من أبرز قادة الحركات الإسلامية  في الصّومال ومؤسّسيها بل من الممكن أن يطلق عليه بأنّه العمود الفقري والقائد الرّوحي لهذه الحركات كلّها، وكان من القلائل المقرّبين إلى أسامة بن لادن وكانا متّفقان في القتال ضد الصليبيين واستغلّ تركي من الشباب الّذين يعانون بالبطالة التّي عمّ البلد فتوفّر لهم بمتطلبات الحياة من تزويج وإعطاء رسوم شهرية كافية فحصل قوة عظمى عانت بها القارة السّمراء ردحاً من الزّمن، ويتميّز تركي بخلاف زملائه في الدّرب عدم الخيفة والتستر وإلقاء المحاضرات في  المنابر، قبل ان يقعده المرض الذي جعله طريحا علي الفراش، واصبح سببا لوفاته.

وبعد ظهور المحاكم الإسلامية في عام 2006م وسيطرتها بمعظم المدن الرئيسية الواقعة في جنوب الصومال التي من بينها العاصمة الصومالية مقديشو  كان من الذين تحوّلوا الصّومال مركزاً للحركات الجهادية الصّومالية ومأوى لرفقائهم الأجانب القادمين من بلادهم تأييداً لهذه الحركات والفارين من مسقط رأسهم أيضاً المطلوبين من قبل إمريكا وحلفائها بتهمة الإرهاب، وكان تركي ومعسكره من القوى التّي تعتمده المحاكم الإسلامية واستفادت المحاكم من الخبرة العسكرية التّي كان يتمتع بها معسكر (راسكامبوني) فأعطت لهم التدريب علي كثير من شباب المحاكم.

وكان الغرب ودول الجوار يرون أن تركي يشكل خطرا عليهم، وهو الأمر الذي أدّي إلي التواجد الغربي الكثيف من المخابرات في الصومال، كوسيلة للتدخل وإثارة الحروب ضدّ هذه الحركات الإسلامية تحت لواء مكافحة الإرهاب وإعادة الأمن والسلام في داخل الصومال وأصبح الصراع يدير في عنق الزجاج ولم يوجد بعدُ أي حلّ نهائي.

حسن تركي مولده ونشاته:

ولد حسن عبدالله حرسي المعروف بـــ (حسن تركي) في مدينة قبري دهري بإقليم أوغادين الخاضع لإيثوبيا في عام 1942م ونشأ في وسط أسرة لاتملك الكثير من الأموال والممتلكات بل كانت أسرته تعاني بقصر اليد وقلة الحيلة، وكان والداه يعانان بتحصيل القوت اليومي لأولادهم، وفي بداية مرحلة شبابه عزم حسن تركي أن يندمج في سلك الحركات المكافحة المتواجدة في أوغادين آنذاك، فشارك العديد من الحروب في بداية الستينات -ولم يزل في ريعانة شبابه- مع القوات الإيثوبية، وبعد مدّة من مشاركة الحروب الطاحنة مع إيثوبيا ارتحل حسن تركي إلى العاصمة الصومالية مقديشو طلباً للعلم الشرعي فالتحق إحدى المدارس وتخرج عنها في بداية السبعينات.

والتحق تركي  بجامعة المدينة المنورة فتخرج عن كلية الشريعة الإسلامية ورجع إلى الصومال في بداية الثمانينات. واحترف بنشر الدعوة الإسلامية في أوساط الشعب الصومالي، وكما ذكر الناطق الرسمي لحركة الشباب كان حسن تركي مسئولاً على اغتيال مبعوث الفاتيكان  الإيطالي سلفادور كولومبو المغتال في 9-يونيو-1989م  في العاصمة الصومالية مقديشو الذي لم يعترف مقتله أحد بعدُ، وتسبب مقتله غموضاً في علاقة إيطاليا مع الحكومة الصومالية وذكرت إيطاليا بأن مسئولية مقتله تحمل الحكومة الصومالية التي يرأسها سياد بري، ومن جهتها توعدت الصومالية مبلغاً مالياً لكل من أتاح لها في إلقاء القبض على المنفذ الرسمي للعملية أو اي خبر يرشدها نحو المتهم، وبما أنه كان من ضمن الجيوش الصومالية للحكومة لم يعثر عليه أحد وانتهت عملية التفتيش فاشلة ولم تنجح.

 زار حسن تركي إلى أفغانستان مرتين، وتلقّى  زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن محمد بن لادن، وبعد رجوعه من هناك التقى مرّة ثانية مع أسامة بن لادن في أرض السودان، ويذهب المحللون أن الزعيمين بينهما علاقة وطيدة ومتأصلة وكانا متقاربان فكريا ومنهجيا فتعاهدا بأن يتعاونا في الجوانب اللوجيستية والمادية أيضاً.
وفي مطاف التسعينات من القرن المنصرم أسس حسن تركي معسكر راسكامبوني الذي اصبح مأوى لكثير من عشاق الجهاد من الصوماليين والأجانب القادمين من بلادهم، كما أرسل اليه أسامة بن لادن عددا كبيرا لاتستطيع الأنامل بعدّها من غير الصوماليين ليعاونوه عن اللوجيستيات، فأصبح معسكر راسكامبوني مصدرا هامّا للحركات الإسلامية في الصومال وبعض الدول المجاورة، وكان حسن تركي مسئولا عن تفجير السفارة الإمريكية في نيروبي والتى نفذها بعض أتباعه فأضافته إمريكا في قائمة الإرهاب.

وبعد الخلاف المرير الذي دار بين الإسلاميين بعد استبداد غودني المغتال للحكم وأيضاً بعد تصفية زملائه في الساحة وأصبحوا في مفترق الطرق؛ اضطر معسكر راسكامبوني الذي يرأسه حسن تركي بالإندماج في سلك رعية ذاك الأمير المطاع في المنكر والمعروف والخضوع لزبانيتة التى لاترحم لأيّ أحد.

ومنذ انضمامه للحركة كان يعاني بمرض مزمن جعله طريحا على السرير لمدة تقارب خمس سنوات، وكمايعتقد الكثير من المحللين لم يكن له ثاثير بارز في أوساط حركة الشباب، وكان لايعلم الكثير من قرارت الحركة كغيره من قادة الحركة الذين اغتالتهم زبانية (غودني)، وجاءته المنيّة -على فراشه بعد صراع طويل-  في منتصف ليلة الأربعاء الموافق 29-05-2015م عن عمر يناهز 73 عاماً في قرية هرجيسا-يري التابعة لإقليم جوبا السفلى.

ليست هناك تعليقات:

كـافـــة الـحـقــوق محفـــوظــة لمــــدونـــة عبـــداللــــــــه كســــمــايــــو