كانت الصومال في الأونة الأخيرة تتعرض لغارات جويّةٍ غربيةٍ تستهدف بأشخاصٍ مطلوبةٍ لدى المنفّذين ، وللولايات المتحدة الأمريكية القدح المعلي ونصيب الأسد في إقتناص الفرائس والإنقضاض على زعماء الحركة الصومالية الموصوفة بالإرهابية ، ومن ضمن هذه السّلاسل استهدفت طائرتان حربيّتان ، واحدة بطيّار وأخرى بدون طيّار – الإثنين الواحد من سبتيمبر الجاري - زعيم حركة الشّباب الصوماليّة أحمد عبده غودني حسب تقرير ( كيري ) – السّكرتير الصّحفي للبنتاغون - الّذي قدّمه للبنتاغون .
واعترفت حركة الشّباب بتلك الصّفعة الشّديدة التّي أصابت على
جبينها ، حيث بادرت بإصدار تقريرٍ تحت شعار ( ربح البيع أبا الزّبير ) ذكرت فيه
مقتل زعيمها متوعّدة بالثّأر لمقتولها المصروع وأن أعداءها ستجني الثّمار المريرة
التّي زرعوها ، كما نشرت عبر مواقعها على الإنترنت بفيديو لمتحدّثهم علي
محمود راجي ( علي طيري ) يتأكد به تلك الواقعة .
وهذه العملية لم تلق الترحيب من الشعب الصومالي لأنها
بمنظور الكثير منهم هي حرب الغرباء على مصير وطنهم الذي اصبح ميدان صراع لمن
لا يهمهم امر هذا الشعب المغلوب على امره فلا هو- الشعب- يبارك العملية
الأمريكية التي تقتل خصومها بصواريخ ذكية وأخري غبية ولا حزن لموت إبن الصومال
الذي لم يهمه الا ارضاء سيده في جبال الأفغان بل وزرع الخوف والرعب في قلوب
الصوماليين حتي اصبح الشعب غير مبال لمن تكون له الغلبة في الحرب لقسوة
الحركة وبأسها الشديد على الصوماليين قبل الغزاة.
ويكتنف الغموض بتوقيت العمليّة وكيفيتة تنفيذها ومن كان الدليل
والعضو الخامل لسى أي اي في داخل الحركة الأمنية الذي ولا شك أنه من
عليَّة القوم وسادتها ومن أهل الشأن والمنزلة لذي الأمير المغتال وسبب الغموض يعود
لأمورٍ ثلاثةٍ :
أولاً : عدم صدور تقرير عن حركة الشباب يبيّن كيفية العملية
والأسباب التي أدت بقتل الزعيم الحذر ،وكانّ لسان حالهم يكرر مع ابي فراس الحمداني
:
ولكن إذا حمّ القضاء على إمرء ***
فليس له بر يقيه ولا بحر
ثانياً : عدم إصدار تقريرٍ واضحٍ من الولايات المتّحدة
يصف كيف تمت هذه العمليّة الناجحة ومن يعود الفضل الأكبر في إصابة الهدف
الثمين والصيد السمين .
ثالثاً : عدم امكانيّة وصول الشعب بمكان الحادث ليروي
لنا تفاصيل هذه العمليّة الناجحة التي تسجل لصالح المخابرات الأمريكية .
أما الدّولة الصّوماليّة فقد رقصُت لمقتل غودني وأكّدت بأنّها
ستكون نهاية هذه الحركة التّي مرّغت أنفها ، وأشارالرئيس الصومالي حسن شيخ محمود
العملية الباسلة التي أودت حياة عدوه اللدود غودني وطلب إستدامةمثل هذه
العمليّات ضدّ الحركة ، كما وجه خطاباً لغير الصوماليّين الّذين جاؤوا
الصومال ليقاتلوا حكومتها صرّح فيه أن الصومال للصوماليّين – فقط - وأمرهم
بمغادرة البلد والرجوع إلى بلدانهم .
ومن الملاحظ أنّ صراع الصّومال يمرٌ بأيّامٍ صعبةٍ وظروف
قاسيةٍ يتلظّى بناره الشعب الصومالي ويقاسي شدائده المواطنون ، ومن أمعنَ النّظر
فيها يجد أنَّ مصدره محاولة الحركة البقاء بين الأمواج العاتية التي
هبت عليها من كل حدب وصوب ومحاولة الحكومة مع اصدقائها الغربيين ودول
الجوار سيطرة البلد وتوليّته والحكم عليه ، بينما ظل معظم الشعب الصومالي الذّي
يقطن في المناطق الجريحة يطبِّل من يحكم منطقته طوعا أو كرها ، بل أصبح
الشعب غير عابئ بما يدور حوله ولا يرفض قدوم الأجنبي ولا حضور العربي الملثم بل
ولا يتظاهر لعرض أنتهك فلم نسمع إحتجاجا ولا تنديدا بإغتصاب صغيرات من قبل القوات
الإفريقية العاملة في الصومال (أميصوم)
ولا يعني هذا أنه ليس في الوطن ذو عقلٍ سليمٍ ليحلّل
المشكلة فقد حاول كثير ون منهم أن يجدوا لها حلاً من بينهم العلماء وأهل الحل
والعقد والعقل لتعط القوس باريها... لكنها لم تفلح !!!
يتمني الشعب الصومالي الجريح الّذي آلمته شدائد الحروب بإعادة
الأمن والإستقرار إلى وطنه الحبيب ولاشكّ أنّ هذا يحتاج إلى وقت طويل ولكن
سننتظر إلى أن يعود الصومال إلى واحة هادئة وارض سعيدة ؟!! .
شخصية غودني :
ولد أحمد عبده غودني المعروف لدى الحركة ب (مختار عبد الرّحمن)
المكنّى ب (أبي الزّبير) في هرجيسا – على الرّاجح – وقيل في مدينة ( لانقيرتا ) في
الصّومال الغربي والتّي تخضع لإثوبيا ، وهو من مواليد عام 1977م درس في هرجيسا
المراحل الأساسيّة للتّعليم وهو منسوب إلى قبيلة (إسحاق) السّاكنة في شمال
الصومال المنطقة التي تسمي أنفسها ب (صوماليلاند) ، وفي بداية التّسعينات
كان غودني من ضمن شبابٍ تمكنوا حصول دراسةً جامعيّةً منحهم المفتي العام للدولة
السّعودية آنذاك الشيخ عبدالعزيز ابن باز فذهب إلى باكستان والتحق بكليّة الإقتصاد
بالجامعة الإسلاميّة العالميّة في إسلام أباد حيث أخذ هناك شهادة البكلاريس .
وفي عام 1997م رجع غودني إلى هرجيسا مع رفيقه في الدرب
إبراهيم حاج جامع المعروف ب (إبراهيم الأفغاني) وحاولا تأسيس حركة إسلاميّة في
هرجيسا فلم يتسنّ لهم ذلك لصعوبات شديدة واجهتهما ممّا أدّي بهما الإرتحال
إلى مقدشوا عام 2002م.
وفي أيام المحاكم الإسلاميّة أصبح غودني السّكرتير العام
للمحاكم ثمّ أصبح رئيساً لحركة الشّباب في عام 2007م بعد أن قبضت إمريكا زعيم
الحركة آنذاك إسماعيل عرالى وزجَّته في سجنها غنتوناموا بي أثناء سفره إلى إرتيريا
، وفي سنة 2008م ولّى غودني المنصب العسكري لهذه الحركة بعد تصفية آدم حاش
عيرو في قصفٍ نفذته إمريكا .
وخلال حكمه الحركة صارت العمليّات الإنتحارية أضعافاً
مضاعفة بغضِّ النّظر عن مضارّها الكثيفة والتّى أوجعت الكثير من بينهم الشّعب
الجريح ، كما قام بتصفية زملائه في السنة الماضية بعد أن صدر بفتوى كانت عنوانها
( هذا بلاغ للنّاس ) لتكون نهاية حياة من سولت له نفسه معارضة الزعيم الملهم والقائذ
الموفق حسب ما يراه أتباعه اهل الطاعة والسمع في المنكر والمعروف !! ، وعلى
طليعتهم إبراهيم الأفغاني ومعلم برهان بعدما أصرّا بأفكارهما التّي كانت ضدّ زعيمٍ
لايحبّ المباراة في السّلطنة ، أضف إليهم أبا منصور الإمريكي الّذي لم يتعظ بأنين
الأميرين ونسي أو تناسي بأن زبانيّة الأمير تبحثه لتصفعه وتُرقِّمه
في الموتى حتى ابتلعه القبر ومات بايدي أبرار الأمير.
ولم تكن الهجمات الضّارية مخصوصة بداخل الوطن فحسب بل أوصلها
البلدان المجاورة ، فمن غزوات الأمير والحركة هجومهم مركز لمشاهدة
المبارات في كامبالا – أوغندا في مطلع عام 2010م والتّي قتلت فيه
العديد ممّن كانو في تلك المنطقة , وفي عام 2013م غارت قوّات تابعة لهذه الحركة
مركز تسوُّق ويست غيت وقتلت فيه 67 شخصاً .
ولاشكّ أن غودني كان عنصراً نشيطاً في الحركة
وقائدا مسيطرا وعضوا فعالا بل كان عمودها الفقري وعماد خيمتها التي
يخشي لها السقوط بعد مقتله ، و كانت له خبرة عسكرية وإداريّة وبعد مقتله أصبحت
السؤال الوحيد المشهورة بألسنة الناس ما مصير الحركة في مقبل الأيام وهل
تكون هذه اللّطمة الشّديدة تؤثر عمليّاتها وتهدد وجودها ؟ أم ستدوم الحركة
وتخرج من بين الأخطار اصلب عودا واقوي من ذي قبل فيكون القتال مستمراً ومشتعلاً في
أرجاء الوطن ؟!!!!.
ولكن
المؤشرات تشير ضعف الحركة بعد قوتها وذبولا بعد حيوية وقلة بعد كثرة وكما يقال ان
الأثر يدل على المسير وإنّ البعرة تدل على البعير و الهزيمة يتيمة والنصر له الف
اب !! فهل هذه اللطمة هي القاضية ام انّ الايام دول ؟؟ ... بعض الأسئلة لا يجيب
عنها الا الزمن.
بقلم : عبدالله كسمايو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق