مرحباً بكم أعزائي الكرام

مرحباً بكم أعزائي الكرام

سياسة الصّومال ... جمرة تحت الرّماد !





لم يكن خافيا على أحدٍ تلك الفرحة التّى عمّت جميع أرجاء الصّومال إثر انتخاب حسن شيخ محمود رئيساً لجمهورية الصومال الفيدرالية ، حيث ابتهج لها الكثير من المواطنين  في الداخل  والمهجر  ، وكانت نظرتهم – آنذاك – أنّ إنتخاب شخصية من المجتمع المدني ، عاش وسط المجتمع طيلة سنوات النكبة ، بإمكانه  إيجاد حل نهائي  للمشاكل الكثيرة ، وأنّ الأمور ستؤول إلى واحة من السلام والأمن الذي كان أماني الصوماليين من أجل أن تستعيد بلادهم مكانتها في خارطة العالم من جديد ، فعقدوا الحفلات والكرنفالات المؤيدة للحكومة الوليدة ولقادتها في أماكن شتّى داخل الوطن وخارجه ، معلقين آمال عريضة على  القيادة الجديدة !.

 وانطلاقاً من  الأمل الذي داعب أذهان أبناء الصومال ، واعتباره بادرة طيبة ودليلاً على حسن النوايا ، بدأت الحكومة الصّومالية تسير على قدمٍ وساق لاستعادة هياكل الدولة ، حيث أُعيد  فتح  العديد من مراكز الدّولة المهجورة منذ سقوط الحكومة المركزيّة ، كما نشّطت فروع الدّولة بكافّة مستوياتها ،  مما ساهم في تعزيز الأمل .

وبالرّغم من وعود الرئيس الجديد بأن عهده لن يشهد الخلافات المعهودة بين المسئولين الكبار، إلا أن الخلافات السياسية والدستورية سرعان ما طفت على السطح بعد عام من تنصيبب حسن شيخ محمود ، وسحب البرلمان الثقة من رئيس الوزراء الأول شردون لنيته إجراء تعديل وزاري لم يرض الرئيس .

وما كاد عام آخر يمرّ على تعيين عبد الولي شيخ محمد مكان شردون ، حتى عادت الخلافات تستعر لمجرد إجراء تعديل وزاري بسيط ، فما كان من الرّئيس  إلا أن يرفض هذ التعديل الوزاري بحجة عدم قانونيته ومخالفته للدستور تارةً ، وعدم إستشارته في التعديلات من قبل رئيس وزرائه تارةً أخرى ، فضلا عن عدم الحاجة إليها في هذا الظرف الحساس وأصدر بياناً يلغي فيه قرارات رئيس الوزراء ويدعوا فيه الوزراء لممارسة مهامهم الاعتيادية ، واعتبار التعديلات كأنها لم تكن .
 في أن المراقبين يذكرون أن سرّ رفض الرئيس للتعديلات يكمن في المساس بمنصب وزير العدل والشئون الدستورية المقرب من الرئاسة ، وتعيينه وزيراً للثروة الحيوانية ، ما يعني أنّ رئيس الوزراء بات يشكل تهديداً للرئيس والمقربين منه .
يذهب محللون إلى أن مصدر هذه الخلافات المتكررة بين الرئيس ورئيس وزرائه طيلة السنوات الماضية منبعه الدستور الفيدرالي المؤقت، ونصوص فقراته المتضاربة  والغامضة التى لا تشير بشكل واضح لصلاحيات ومهام كل من الرئيس و رئيس الوزراء ، المتداخلة في بعض الأحيان ، فضلا عن غياب مؤسسة مختصة في فض النزاعات الدستورية كالمحكمة الدستورية العليا .
في المقابل يرى فريقٌ آخر بأنّ سبب الخلافات المتجدد يتمثل في التصرفات الدّكتاتورية للرّئيس وإرادته ، ومحاولة مؤسسة الرئاسة الاستئثار بالسلطة والقرار دون بقية مؤسسات الدولة ، بغض النظر عن مصلحة الدولة ، بالرغم أنّ تشكيل هيئات الدولة وتنظيم وزاراتها حسب هؤلاء من حق رئيس الوزراء ولا دخل للرئيس كما هو نصّ الدستور ، فقد ورد فيه – المادة 100 قسم الفقرة ب –  : ( صلاحيَّات رئيس الوزراء تعيين وعزل الوزراء ) .
ولحسم الخلاف بين المسؤلين المتصارعين أرى أنّه  لابدّ  أن يتمتع كلٌ من الرئيس ورئيس وزرائه بالمرونة ، والقدرة على تقبّل وجهة النظر الأخرى ، وأن يتعاونا على ما فيه مصلحة الشعب ، وأن يلتزم الرئيس بالدستور ويحترم رئيس الوزراء وإلّا ستبقى  الأمور  كما هي إن لم تنزلق لحالة أسوأ !.


ليست هناك تعليقات:

كـافـــة الـحـقــوق محفـــوظــة لمــــدونـــة عبـــداللــــــــه كســــمــايــــو